إن سوء الأوضاع في الشمال السوري وتحديداً في محافظة إدلب وتعرض المدارس فيها للأضرار المادية، يضع على عاتقنا مسؤولية تمهيد الطريق للأطفال ليكونوا على استعدادٍ تام علمياً وجسدياً ونفسياً، لإثبات قدراتهم وبناء مستقبلهم كما حلموا أن يروه، لذلك نسعى إلى الاستمرار بدعم التعليم وتقديم كافة الخدمات التي تتيح للمعلم والطالب القيام بأدوارهم في الحاضر و المستقبل.
فمع بداية العام الدراسي 2016-2017 عملنا في "جمعية الأيادي البيضاء" وبالتعاون مع "فريق إنساني" على تقديم الدعم لمدرسة "ذي قار" بالريف الشمالي في إدلب – كفريحمول، من خلال ترميمها وتزويدها بالمستلزمات الأساسية التي مكنتها من استيعاب 428 طالباً وطالبةً، بالإضافة لتوفير فرص عمل لـ 27 من الكادر التدريسي والإداري في المدرسة.
أحد الاطفال في الثانية عشر من عمره التحق بالمدرسة بالعام الماضي نراه كل يوم يحمل حقيبته وحقيبة أخيه الصغير يحدثنا قائلاً:
بينما تحدثنا إحدى الطالبات في المدرسة تتشابه قصتها مع مئاتٍ من الطلاب الذين أجبرتهم الظروف على الانقطاع عن المرحلة التعليمية:
عمري 9 أعوام لم أتمكن من الجلوس على المقعد الدراسي سابقاً، اليوم أنا في الصف الثالث تصطحبني أختي الكبيرة إلى المدرسة فهي معلمة بإحدى المدارس وأنا أحلم أن أصبح مثلها.بداية العام تم تحديد مستوايي الدراسي وتجاوزت الصف الأول والثاني، فقد كانت أختي تحضر لي الكتب وتعلمني من المنزل حتى لا أفقد سنين من المرحلة التعليمية.
أعيش مع أمي وأبي وأخوتي الخمسة في بيتٍ صغيرٍ قرب المدرسة، أوضاعنا المعيشية بسيطة جداً، لذلك قبل افتتاح المدرسة لم يكن يتمكن أبي من تحمل تكاليف المدارس لي و لإخوتي، خاصة أن المدرسة كانت بعيدة تحتاج لمواصلات للوصول إليها، لكن اليوم وبفضل الله نذهب جميعاً للمدرسة.
عند عملية البحث عن مدارس لترميمها، تمهيداً لتقديم الخدمة التعليمية نحاول جاهدين أن نختار المدارس
في الأماكن الأقل تضرراً، حتى لا يتعرض الطلاب لأيَّ أذى، صحيح أن سوريا اليوم لا يوجد فيها مكانٌ آمن، لكننا نختار المناطق الأقل خطورة.
على الرغم من أنه في كل عامٍ يتم ترميم المدارس إلا أن القصف المتواصل على المدينة يعرض المدرسة لبعض الأضرار التي تحتم علينا إجراء عمليات ترميم للمدرسة مع بدء كل عام دراسي، فكانت البداية من خلال ترميم المدرسة، مثل صيانة الأبواب والنوافذ ودورات المياه وشراء خزان للمياه وصيانة السبورات والمقاعد، ليتمكن الطلاب من متابعة تعليمهم.
كما تم تقديم كافة الخدمات التعليمة، والتي تساعد المعلم والطالب على إتمام التعليم بأفضل وضعٍ ممكن، فشملت الخدمات توفير رواتب للمعلمين، وتوفير مواد لتدفئة الصفوف الدراسية في الشتاء، بالإضافة لتوفير جميع المستلزمات المدرسية للمدرسين والطلاب على حد سواء.
لأننا نؤمن أن العلم هو أحد أهم مقومات الحضارة، فالطفل هو مستقبلٌ نبنيه اليوم، والذي إن ترك بدون علمٍ سيكون عرضة للاستغلال، فلا شيء يهدم المجتمع كجيل يجهل الكلمة.
لذلك نسعى معكم للاستمرار في دعم الطلاب من أجل بناء جسرٍ يعبروا من خلاله لمستقبلٍ أكثر أمناً، بعيداً عن الحرب التي عاشوا أوجاعها ويحققوا أحلامهم التي ستكون هي البناء القوي للغد فلنقف معاً من أجلهم …