لا شك أن الحصار العسكري الذي تشهده الغوطة الشرقية من أشد ما يمكن للإنسان أن يلاقي في حياته، تخيل ذاتك وقد انقطعت عنك كل سبل الحياة، ندرة في الغذاء وقلة في مصادر المياه وانعدام تام للمرافق، لا دواء يمكن أن يسعف به المرضى، فقدٌ وقتلٌ وخطرٌ يتربص بالجميع، وفرص النجاة تكاد تنعدم، إننا كجمعية إنسانية نرى أننا ما وجدنا كفكرة وككيان إلا لنتداخل ضمن هذه الصراعات والحالات المعقدة مادين يد العون لكل متضرر ومحتاج ما استطعنا لذلك سبيلا.
استطاعت "جمعية الأيادي البيضاء" أن تخترق هذه الحالات الإنسانية وغيرها الكثير، وأن تصل لاكثر العائلات احتياجاً وتقديم ما تستحقه من عناية ودعم ولو مبدئي، حيث تمكنت بدعم من "فريق رحماء بينهم" بدولة البحرين الشقيقة من تقديم ما يزيد عن 2,800 وجبة غذائية مطبوخة مكونة من أهم الأصناف التي يحتاجها جسم الإنسان وهو الأرز واللحم، فضلا عن تقديم أكثر من 3,450 ربطة خبز بالإضافة إلى 45 حصة حطب (وزن الحصة 100كغ) وذلك من أجل استخدامات التدفئة وطبخ الطعام.
لم تتم هذه الجهود بشكل عشوائي بل خضعت لدراسة وتحليل للمحتاجين ومن ثم توجيه الدعم باتجاه الأفراد والأسر الأكثر احتياجا، وذلك أملاً في تخفيف معاناتهم ومشاركتهم همومهم وما يعانونه من أوضاع صعبة قد تفضي بهم إلى الهلاك إن لم يجدوا من يقف بجانبهم، حيث بلغ عدد مستفيدي هذا المشروع ما يقرب من6,457 عائلة، تضم بين أفرادها ما يقرب من 3,237 فرد من أهالي الغوطة المحاصرين والذين يعانون أوضاعاً معيشية صعبة للغاية.
إحدى السيدات في موقع التوزيع تحدثنا عن الوحدة التي تعيش بها
الأحلام هنا تتوارى
فقدت زوجي قبل أن يرى طفله الثاني النور، تتابع قائلة"الحياة وضعتني لدى اختبار مرير فأنا الآن مطالبة بالحفاظ على أولادي وحمايتهم من الموت والجوع وكافة الأخطار الأخرى المتوفرة هنا وبشدة!" وها أنا أعول حاليًا طفلين صغيرين ما زالا يحبوان محاولين التعرف على الحياة في ظل أوضاع قاسية.
أحد المستفيدين شابٌ في أواسط العمر كان لديه مكتبًا للعقارات في وقت سابق لكن شدة الحصار وتردي الأوضاع دفعته لإغلاقه حيث يعمل الآن في تنظيف مخلفات الحرب والبيوت المهدمة، لكن المقابل المادي ضئيل لا يكفي لأي شيء.
حتى كبار السن لم يسلموا من الأذى
فأحد المتواجدين في الملجأ رجلٌ مسن تعدى الستين من عمره، ما زال يعمل في الزراعة رغم فقده لمعظم أسرته إثر تهدم البيت عليهم، يحدثنا عن معاناته "لا يمكنني أن أصف شعوري تجاه ما ألم بي من حال وفقد، لكن حال أحفادي هي ما تدفعني للاستمرار ومحاولة مغالبة الألم فهم أطفال لا يفقهون مرارة الحرب يحتاجون لكثير من الرعاية والاهتمام يردف قائلًا "لابد أن أعمل، لابد أن أحاول توفير قوت يومنا، لكن الأوضاع في غاية الصعوبة ولا تمكنني أبدًا من أن اقدم للأطفال أبسط ما يحتاجون "
طالما أن الوضع المأساوي مستمر فإن فرقنا في الداخل السوري ستعمل جاهدة على الاستمرار بمساعدة المتضررين أينما وجدوا وستستمر بتقديم كافة الخدمات التي تساعدهم على تجاوز بعض الصعوبات التي يعيشونها.